لا أعلم كيف أتيت إلى هنـا؟ ولماذا أنا تحديدًا في هذا المكان؟ وما الذي يحدث من حولي! كل ما أعلمه أنني كنتُ نائمًا وفتحت عينيّ على صراخ أحدهم، لأكتشف بعد ذلك أن هناك فاجعة حدثت؟ ما هي تلك الفاجعة!؟
كعادته الدائمة ف الإبداع والتميز، اختار الشاعر محمد ناصر الحربي حروف النون ليكون عنوان ديوانه الجميل، ليجعلنا كقراء نترقب وننتظر ونحنّ إلى مزيد من تألقه!
نيتشه سيرة فكرية :
في أول لقاء بينهما في روما في عام 1882، بادر فردريك نيتشه الى تحية لو اندريا-سالومي (1861 – 1937)، الفتاة الشابة البالغة من العمر الحادية والعشرين بهذه الكلمات المنذرة المثقلة بالتوقعات: (من أي نجمين هوينا لنلتقي هنا؟).
في الواقع، ليس يشك في أن المرأة الشابة فائقة الجمال قد تركت انطباعا قوياً في “فيلسوف العزلة” البالغ من العمر آنذاك السابعة والثلاثين، انطباعٌ دفعه الى التقدم لخطبتها بعد لقائهما مباشرة وقبل مغادرته روما، ولكن الشابة ارتأت تأجيل الرد. في ثاني لقاء بينهما، تسلق نيتشه والشابة جبل ساكرو في روما معاً، وبينما كانا في طريقهما الى النزول، شعر الفيلسوف بنشوةٍ عميقة وشكر رفيقته فيما بعد لــ (الحلم الاكثر سحراً وفتنة في حياتي/ـــه).
قالت (لو) مرةً لنيتشه: “إن حواراتنا واحاديثنا تقودنا لا إرادياً الى الهاوية.. بينما يتولد الانطباع لديك أنك تتسلق منعزلاً الى نقطة مراقبة تنظر منها الى الاعماق”.
ومن هذا الفهم العميق والدقيق للمشهد السايكولوجي الممتد في حياة نيتشه الداخلية انطلقت (لو) لتكتب هذا الكتاب الذي قدمت فيه صورةً نفسية نقدية بقدر ما هي متعاطفة، للفيلسوف الذي شاطرته صراحته مثلما لم يشاطره أحد آخر.
نيتشه سيرة فكرية الذي كتبته لو أندريا-سالمومي صدر عن منشورات تكوين في الكويت ودار الرافدين في العراق، وهو من ترجمة د. هناء خليف غني وتقديم ومراجعة عدنان فالح دخيل.
هذه الرواية من ثلاث قصص منفصلة لا تجمعهم إلا نيتوتشكا بطلة الرواية..
القصة الأولى هي قصتها مع زوج أمها عازف الكمان المريض بعظمة الجنون الذي أفضى به إلى السُّكْر والتكبر على عمله، وهنا كانت الحياة الأولى لنيتوتشكا التي شهدت صراعات بين أمها وزوجها حول المال وصراعات أيضًا حول حبها لكل منهما.. وسنجد في هذه القصة تمثيلًا حقيقيًّا لعقدة إليكترا من خلال تعلق نيتوتشكا بزوج أمها رغم أن تصرفاته لا تجعله محط إعجاب أبدًا.
والقصة الثانية هي قصة حياة نيتوتشكا بعد وفاة أمها وزوج أمها، في منزل الأمير الذي كفلها وأسكنها قصره، وانتقالها إلى حياة أفضل واكتشافها نفسها من جديد داخل القصر مع شخصيات جديدة مختلفة، وصداقتها مع ابنة الأمير “كاتيا”، وهنا سنتعرف على أنواع جديدة من المشاعر والحب والتعلق.
والقصة الثالثة هي قصة السر الغامض في حياة ألكسندريا، التي ستعلم وتربي نيتوتشكا بل وستعتبرها ابنتها..
وفي الرواية كلها سنجد أنواعًا من المشاعر والعواطف والصراعات والاضطرابات نسجها المؤلف في حبكة روائية وسردية من خلال بطلة الرواية..