الوصف
“(لا) هي الهاجس الممتد منذ بدايات الوعي إلى هذه اللحظة، تحفر عميقا في وجداني، تتسرب مرة وتتوارى خلف ستارة من الخوف مرات، أن تقول (لا) فهذا يعني أنك تعيد اكتشاف لحظة الشجاعة الأولى”.
من الرفض يفيض السرد في رواية “رقصة الشامان الأخيرة”، الرفض للطائفية والفئوية، للقمع والقتل والدمار والتهجير، للكراهية والحقد. رفض يتناوب على تأكيده مجموعة من الرواة الذين اختارهم الروائي السوري “عبد الرحمن حلاق” ليجسدوا بأصواتهم مختلف أطياف المجتمع السوري في أخطر منعرج سياسي شهدته البلاد؛ وهو الثورة السورية 2011.
فمن خلال صوت خالد وصفاء وريم وصباح وغيرهم من الرواة نعيش فصول الثورة السورية ونقف على أهم تحولاتها ونرى مختلف وجهات النظر التي اتخذها السوريين في كل منعطف مهم من منعطفاتها، مأخوذين بهواجس الشخوص وانفعالاتها ورشاقة السرد على طول الرواية الصادرة عن دار الفراشة- الكويت، والممتدة إلى 220 صفحة من القطع المتوسط.
إنها اللحظة التي أدرك فيها خالد أن الانقسام في سوريا ليس بين “المقهورين والمضطهدين والفقراء” وبين “عصابة الأسد والمنتفعين منها” فقط، ولكن بين المقهورين والمضطهدين والفقراء أنفسهم كان ثمة انقسامات عمل النظام على خلقها خلال عقود من الحكم بالحديد والنار.
وفي حين يئن خالد من برده في تلك المدرسة المدمرة، كانت صباح (شخصية/ راوية) قد نجحت في الاختباء بإحدى الشقق السكنية في الحي الذي داهمتهم فيه قوات الأمن، وتمكنت من رؤية المشهد الأخير لوفاة مصطفى متأثرا برصاص الأمن، ومن خلالها نعلم أن من أجهز على مصطفى لم يكن إلا شقيقه “عدنان” الذي ارتمى على صدر أخيه باكيا بعد أن تعرف على هويته.
موت خيمت أصداؤه على الصفحات الخمسين الأولى من العمل، وما هو موت لمصطفى على يد شقيقه عدنان على صعيد القصة، يمكن قراءته بوصفه رمزا مكثفا يشير للتحول الذي شهدته الثورة السورية من السلمية إلى المسلحة على صعيد النص. تحول كان نتيجة للتصعيد الأمني من قبل النظام، تصعيد حوّل المطالب المحقة إلى تهديد وجودي للدولة، وحوّل النشطاء السلميين إلى أعداء للأمة، والأخوة إلى قتلة وضحايا “كانت الثورة ضوءا جميلا وكنا نطير إليه، الآن ثورتنا نيران” كما يقول زكريا أحد الرواة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.