حكايات من أوديسا

الوصف

كانت هذه الجملة آخر مانطق به الأديب الروسي إسحاق بابل، حيث بعدها مباشرة، التف حبل المشنقة حول عنقه، لينهي حياته في عام 1940م، عقب محاكمة صورية، بقرار من ستالين، والتي ثبت بعدها بعدة أعوام، براءته من الافتراءات التي نسبت اليه.
بهوية يهودية، و معاناة بلشفية، ينزف قلم إسحاق بابل، مدادا من الألم، و الخوف، و الاضطهاد، في ظل معاصرته للأحوال المضطربة، التي كانت تمر بها روسيا و المنطقة المحيطة بها، من قيام الثورة البلشفية، و استئصالها لطبقة البرجوازية، بلا رحمة، و الاضطهاد الذي تعرض له اليهود أيضا حينها.
متتالية قصصية، يشترك بعض أبطالها في اكثر من موضع، مع الاحتفاظ بالاطار العام لهذه القصص، و النطاق الجغرافي لها، حيث تدور أحداثها، في شوارع مدينة أوديسا الاوكرانية، مسقط رأس الكاتب، و ازقتها الضيقة، و عرض لأسلوب حياة الأسر اليهودية، و سرد لادق التفاصيل اليومية، مع إلقاء الضوء، على كيفية إدارة تلك الأحياء، من قبل العصابات اليهودية، و تمسكهم بالكثير من القيم، التي يندر ان يتمسك بها الصالحون، لا الطالحون، و مزج ذلك، مع ذكريات من طفولته، و مراهقته، و التشديد على التزامه بتعليم الديانة اليهودية، في اكثر من موضع، فاستطاع تكوين عمل فني، في صورة أدبية، بتعابير و مقاطع لغوية، فيتبادر لذهن القارئ، أن القصص، ماهي إلا تأصيل لفن الحكي الشعبي، بلغة فصيحة و بلاغية، و أعتقد أن المترجم قد واجهته بعض الصعوبات، في ترجمتها بروحها الحقيقية، والتي أكدت مكانته ككاتب ..