يوضح لنا الكتاب بأسلوب مشوق كيف أدرك العرب منذ بدأت علاقتهم بالشعر أن هناك شيئاً غير الوزن والقافية يفرق بين الشعر الجدير بالبقاء والنظم الذي يموت بمجرد ولادته. فمن الشعر ما يختار ويحفظ لجودة لفظه وعمق معناه. وقد يختار ويحفظ لأسباب مثل الإصابة في التشبيه وخفة الروي.
ويسمي المؤلف الفترة الفترة من سقوط بغداد إلى بداية القرن العشرين في الأدبيات الفكرية والسياسية عصور الانحطاط، وأنه مع بداية القرن العشرين ظهرت حركة النهضة الشعرية بنزعة قوية تقفز فوق حقب الألغاز والأحاجي والزخارف اللفظية الضعيفة، وتعود إلى عصور الشعر المشرقة رافعة راية الجزالة من جديد.
ماذا تستطيع أن تقول عن مدينة قضيت فيها جزءاً من حياتك، يكاد يعادل خمسها، وشهدت مولد ابنتك، ومولد ثلاثة من أحفادك، وعرفت فيها شواهق السعادة، كما انحدرت فيها إلى وهاد الألم؟ ماذا تستطيع أن تقول عن مدينة عشت فيها طالباً يزاحم الناس في الحافلة لأنه لا يملك أجرة التاكسي، وعشت فيها سفيراً ينتقل في أفخم السيارات المصفحة؟
ماذا تقول عن مدينة شهدت مخاض روايتك الأولى، وميلاد عدد من دواوينك وكتبك؟ ماذا تقول عن مدينة تترك فيها حين تغادرها عدداً من أصدق أصدقائك، بالإضافة إلى عدد لا يستهان به من “الآخرين”؟ لا يمكن للوداع أن يكون سهلاًن ولا يمكن لكلمات الوداع أن تكون خالية من العواطف المتناقضة، ولا يمكن لإحساسك أن يكون بريئاً من مزيج غير متناسق من اللهفة إلى البقاء، ومن الشوق إلى الرحيل.
ستة استجوابات صحفية توافر على جمعها وتقديمها معد لم يشأ الإشارة إلى اسمه ، ولا غرابة فمحبو أبي سهيل – رحمه الله – كُثُر، وتضمن الكتاب الذي ضم اللقاءات إهداءً إلى الذين سألوا، ومقابلات لمجلة العربي الكويتية وصحيفة الشرق الأوسط ومجلة الشرق الأوسط والمجلة العربية ومجلة اليمامة وجريدة المسلمون حول الشعر والفكر والمجتمع والإبداع والالتزام والحرب السياسية والأعماق ومداعبات ومشاغبات، وهي حوارات أجريت مع الدكتور غازي القصيبي خلال عامي 1990 و1991م، وتناولت بعض القضايا الذاتية الإبداعية والهموم القومية. صدرت الاستجوابات في كتاب من القطع المتوسط ومئة وسبعين صفحة عن العبيكان للنشر.
لقصيبي واستراحته الخميسية محطات ترتاح النفس فيها مستأنسة بنفحات قصيبية تجعل من الداء دواء، ومن اللسع شفاء، ومن النقد عزاء. نفحات القصيبي تلك حملتها سطور مثقلة بروح النكتة الذكية الحاضرة دائماً وأبداً في نقدياته الأدبية والسياسية والاجتماعية، والتي تنسلّ بخفة لتأخذ مكانها في العقل والقلب قبله
يفاجئك القصيبي بمشاهده وحواراته ومنولوجاته الداخلية والتي تفصح كلها عند أحد المنعطفات عن شيء في نفس القارئ والمشاهد والسامع، أرادوا إيصالها لكن أعجزهم عن ذلك ما منّ الله به على القصيبي من خفّة الظل وروعة بيان وفصاحة لسان وحسن إخراج الختام، وبعد فاستراحته في ذاك الخميس أضافت إبداعاً إلى إبداعاته التي لا تنتهي..
يختار القصيبي هاتين الشخصيتين من أهل التمثيل، فالرجل مؤلف وممثل والمرأة ممثلة مشهورة، وهذا يتيح استعراضاً لأحوال هذا الميدان، ومن ثم الاستمداد من المسرحيات العالمية أو العربية بجعل الحوار الطويل بين طرفي هذه المسرحية متلبساً شخصيات النماذج الإنسانية في صراعها ومآسيها.
أراد القصيبي أن يدير حرباً ضاربة بين المرأة والرجل في جدل طويل، كلٌ يعرض حججه ويستنجد بنماذج التاريخ القريب والبعيد، بل والحاضر، وهنا تتلوّن المواقف بحسب تفسير كل منهما، وخاصة أنهما يستعينان بتأويلات معاصرة لمفكرين أو كتاب وكاتبات يناصرون المرأة وقضاياها، أو يتحمسون للدفاع عن الرجل…
… وتحشد المعلومات والمعارف على نحو يحولها وثائقية…
متأبطاً جوازات السفر ووثائق “العفش”؛ يعود هذه المرة إلى كاليفورنيا، ومع حملة قوامها الزوجة والإبنة والأولاد الثلاثة و-صدق أو لا تصدق-الحماة… ويعود بأسلوبه المعهود إلى سطوره التي تسجل من خلال العبارة اللّماحة حيناً، والغمزة واللمزة والهمزة أحياناً، ومن خلال منولوج داخلي مُتنَاثِرات نُظُم حياتية كاليفورنية وبالأحرى أميركية… تبدّى للقارئ على وقع نفحات لحنه القصصي الساخر حيناً من تلك الحضارة، والمقدر لها أحياناً أخرى لينقل ومن خلال التفاتة ذهنية إلى مرابع الوطن، إلى نقد ذاتي لما يفتقده هذا الوطن من مظاهر حضارية بنّاءة، على الرغم من الإمكانيات المتاحة. تتنقل مع القصيبي من خلال كلماته لتعلن معه الحقيقة فيما يقول… أو لتغالطه… أو لدور معه في أفق كاليفورنيا لتصبح واحداً من أفراد عائلته لتقف معهم أمام موظف الجوازات… ترقب بعيني القصيبي وتسمع بأذنيه أقاصيص إدوار الأول (سائق التاكسي) وتحاول الإفلات معه من قبضة الإعلانات وتدور كطفل معه في أحضان المملكة الساحرة (ديزني لاند)… وكأنك في نفس الوقت جليساً تسمع أحاديثه الممهورة بحس قصيبي ساخر آخر
رواية 7 (سبعة) بسخريته المعهودة ولغته المتينة يلج غازي القصيبي بوابات الخيال ليرسم لنا صورة ساخرة عن واقعنا المرير، يأخذنا في رحلة وهمية إلى جزيرة “ميدوسا” الأسطورية النائية مع صفوة من أبناء الأمة العربستانية المنتشرين هنا وهناك والمنغمسين في ترهاتهم وتفاهاتهم حتى العظم. وعربستان هنا هي كل دولة عربية ولا تعني أي دولة عربية. ومع هؤلاء الـ”سبعة” يواصل القصيبي مهمته في التحريض على النهوض من الغفوة، ويقودنا كي نتساءل مع أنفسنا إلى أي مدى يمكن أن يفرز الواقع شخصيات مثل شخصيات القصيبي وهم حقيقة ليسوا من نسج الخيال بل هم نحن بكل نزقنا وسطحيتنا.
إن أشخاصاً مثل أنور مختارجي والفلكي بصراوي علوان موجودون بيننا حقاً ففيهم الشاعر والفيلسوف والصحفي والطبيب والفلكي ورجل السياسة، وهؤلاء هم أبطال الواقع الذي نرزح تحت وطأة عذاباته. لقد سقط هؤلاء جميعاً في الامتحان، امتحان الرجولة وكانت نهايتهم المضحكة المبكية التي رسمها لهم في نهاية الرواية.
…
حقائق عن الكتاب: تم انتاج مسلسل تلفزيوني عن الرواية من إخراج السعودي عامر الحمود، تم تصوير مسلسل «سبعة» في لبنان من إنتاج «روتانا» وسيناريو وحوار هوزان عكّو ، بطولة مجموعة من النجوم العرب، أبرزهم جيني إسبر وتيسير ادريس وراشد الشمراني وغيرهم.
تدور أحداث العمل حول شخصية «جلنار» المحورية، التي يتنافس عليها سبعة رجال بمرتبة النخب ومن جنسيات مختلفة، في حبكة درامية تكشف زيفهم في نهاية المطاف
خذوا الحكمة من أفواه المجانين” وكأن القصيبي حاول من خلال هذه العصفورية التأكيد على انطباق هذه المقولة انطباقاً لا يقبل الشك أو الجدل. كيف لا والمجنون بروفسور… هو موسوعة علمية أدبية ثقافية اجتماعية… هو دائرة حياة قطبها هو الإنسان العربستاني الدائر في رحى زمانه المشرد في عربستانة القلق… المنزرع بالتناقضات التي أورثت الجنون… ماذا أراد القصيبي القابع خلف بروفسوره المجنون؟!! يحركه… يلقنه عبارات… ويلبسه أدواراً ليقول بأسلوبه الساخر الذي يشوبه الألم شيئاً كثيراً مما يدور في كواليس هذا العربستان… وليبوح بآلام ذاك العربستاني الذي أضحى ودون أن يدري ذاك المجنون الحكيم… أو ذاك الحكيم المجنون (والحكيم من الحكمة)… أو أنه العاقل في دولة المجانين…؟!!
.
.
.
“العصفورية هي رواية للأديب السعودي غازي عبد الرحمن القصيبي تقع في حوالي الثلاثمائة صفحة، وصنفت في المرتبة 35 في قائمة أفضل مئة رواية عربية.
تدور أحداثها في ” العصفورية ” (مستشفى الأمراض النفسية) بطلها هو البرفسور الذي كان واحد ممن دخل هذه المصحة، جلسات من التفريغ و الكلام مع طبيبة النفسي المعالج أو ربما هو حوار طويل و طويل جدا لكنه يغلب عليه القالب الساخر، تستطيع القول أنه لم يترك شيئا في العالم العربي و الغربي إلا و أتى على ذكره بطريقة ما، الرواية غنية بالأفكار و المعلومات المتنوعة عن أحداث و شخصيات كبيرة معروفة سواء أكانت شخصيات سياسية، فكرية، علمية … ، فهي عبارة عن موسوعة معرفية ثقافية زاخرة بمعلومات منوعةوسريعة عن أناس قد تكون سمعت بأسمائهم ولم تسنح لك الفرصة لمعرفتهم.
.
.
.
“يقول الطيب الصالح في تعليقه على الكتاب :
( غازي القصيبي صنع رسالة غفران لزماننا على غرار رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ) …”فروايته «شقة الحرية» وكذلك «العصفورية» شكلتا منعطفاً مفصلياً في تاريخ الأدب العربي المعاصر. وليس السعودي وحده، وهو ما شجّع قوافل كتّاب القصة وكاتباتها نحو الانطلاق، بملامسته المسكوت عنه في نفسية جيله المنفتح في عقد الستينات، على التجارب السياسية والأفكار الآيديولوجية، قبل أن يعود ورفاقه من القاهرة وبيروت والولايات المتحدة الأميركية؛ لمواصلة مسار التنظيم في مؤسسات الدولة والمجتمع، والتحديث في حركة الثقافة والتعليم الجامعي في المملكة.”
من مقالة”مفتاح شخصية غازي القصيبي” لمحمد رضا نصر الله على موقع الحياة
يضم هذا الكتاب المقالات التي كتبها غازي القصيبي في صحيفة الشرق الأوسط أثناء غزو صدام حسين لدولة الكويت والتي ابتدأت من تاريخ 20 أغسطس 1990 وانتهت بمقالته الاخيرة (حتى نلتقي) التي ختم فيها سلسلة مقالاته والمؤرخة بتاريخ 14 يوليو 1991م.