الآن أنت تعرف القصة يا سامي، وتعرف لماذا اصطحبتك للمقبرة ليلاً، وتعرف لماذا أنت مقيد ومكمم الفم جوارها الآن .. لقد انتهت قصتي وحان وقت العمل. لا تحاول الصراخ فلن يسمعك أحد .. سأحاول أن تمر اللحظات القادمة بسرعة.
اختار المترجم أن يقدم لنا باقة متجانسة إلى حد بعيد من القصائد المجموعة من الشعراء الذين ينتمون لثقافة واحدة وبلد واحد ولغة واحدة . كما عمد إلى اختيار نصوص تحمل في جانب كبير منها سات الجدة والغرابة وربما التمرد على جماليات الشعر المألوفة ، حتى ما يدخل منها في إطار الشعر المرتبط بالحداثة والمدارس الشعرية الجديدة ؛ إذ أنه ما من حركة شعرية تجديدية يمكن أن تكون بمأمن من الوقوع في مأزق النمطية والتنميط ، لتخلق بالتالي كلاسيكيتها الخاصة بها . ولأن اختيارات المترجم بصفة عامة ما هي إلا انعكاس ومرآة لميوله وتفضيلاته وقناعاته الجمالية ، فلم يكن من المستغرب أن يختار صالح الخنيزي ما اختاره ، لأنه شاعر يكتب النص الجديد الذي يحاول دائما الحفر في مناطق غير مألوفة ، والتحليق في فضاءات غير مطروقة . ولم تقف صعوبة بعض النصوص وكثرة الإحالات والحاجة إلى الهوامش فيها بينه وبين الإقدام على ترجمتها ، مما يعكس عدم ركونه إلى السهل أو المستسهل من النصوص التي تمنح نفسها بدون مصاعب كبيرة للترجمة .
مبحث تطبيقي ممتع، يستخدم فيه الناقد أدوات خطاب العتبات لمقارية الرواية القطرية، وهو جهد رائد في تناول نتاج فتي ومدونة تبحث عن أفقها المخصوص، ليمون خطاب العتبات من الموجهات الفاتنه للقارئ حين تحرضه على التأويل وإدراك الخيط الرقيق بين المتن ومايجاوره من مداخل نصية وبصرية.
وبقدر ما يضيئ خطاب العتبات ميثاق القراءة بين الروائي والقارئ، فإنه يكشف في هذا الكتاب العميق في مرجعيته العلمية واللطيف في أسلوبه النقدي، عن الوظائف التي تبين استراتيجية الكتابة والعلاقة المستحدثة بين قارئ شغوف وكاتب مغامر.
يجسد الكتاب الإبداع والعطاء رغم الألم والمعاناة فهو رسالة جليلة للأفراد والمجتمع الطموح الذي يبحث عن النجاح والتفوق، لأنّ الإرادة والتحدي تصنعان القوة والقدرة على تحمّل الصعاب، من أجل الوصول إلى قمة المجد. هنا يبرز دور أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة في تحدي الصعاب والآلام والمحن التي فرضتها الظروف عليهم؛ حيثُ استطاعوا التغلب عليها بالإرادة والعزيمة والإصرار والثقة بالنفس والرعاية والاهتمام وقوة التحدي، متمسكين بالأمل، ماضين بالثقة نحو النجاح وترك بصمة جميلة في الحياة.
مواجهة العقل تفكير في التفكير
يطوفُ بك الكتاب في عالم النقد من باب المكاشفة والتأويل وكأنّه يقذف القارئ إلى عالم عشق النصوص، فتصبح المقاربة النقديّة أوسع وأشمل من المقاربة التطبيقيّة للمناهج النقديّة السّائدة التي قد تُسلَّط على النصوص قصد استكشافها، فتقتل فيها أحيانا طاقتها التعبيريّة، حين يكون هدف الناقد هو إبراز مهاراته في تطبيق المنهج بدل إبراز القوّة الأدبيّة للنصّ، التي غالبا ما تستشرف مناطق قصيّة في الإبداع أسلوبا ومضمونا.