الوصف
الأمير الصغير
تقول الكتب الموجهة للأطفال أو اليافعين أحيانا ما لا يستطيع الكتب الموجهة إلى الكبار أن تقوله، وتحمل الأعمال المبنية أساسا على الخيال بين دفتيها من الأفكار والأطروحات والرسائل ما لا تتمكن كتب التاريخ والواقع أن تحمله، فتكون وسيلة عبور لما في ذهن الكاتب إلى المتلقي، وعاملا حاسما في التأثير عليه ورسم معتقداته وحياته ومستقبله.
هذا العمل، تم تصنيفه للصغار، لكن فلسفته تبين كم هو مناسب للكبار، وهو أحد أكثر الأعمال المترجمة عبر التاريخ.
عن ( الأمير الصغير ) للكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري ، نتكلم.
بداية مثيرة لقصة الأمير الصغير تنطلق من خلال فتى يرسم ثعبانا يبتلع فيلاً. تتسبب هذه الرسمة في إثارة استغراب من حوله، حيث لا يستطيع الناس فهم ما يحدث على الورق.
وسرعان ما تتحول الرسمة إلى حقيقة عندما يأتي الثعبان ويبتلع الفيل بالكامل.
فتزداد حيرة الناس ورعبهم، ويقرر البطل ترك مهنة الرسم والبدء في مهنة جديدة كقائد طائرة.
تقع الأحداث لاحقًا في الصحراء، حيث تتعطل طائرته، وهناك يلتقي بالأمير الصغير الذي يطلب منه رسم خروف له.
البطل ليس لديه خبرة في رسم الخراف، فيرسم ثعبانا عاصرا من الخارج ليفاجئه الصغير بأنه يعرف ما في الرسمة رغم أن كافة الآخرين قد جهلوه، ويقرر المحاولة تلو المحاولة، وفي كل مرة كان يفشل في إقناع الصغير بأن ما في الرسمة هو خروف، حتى يقرر أن يرسم صندوقا ويخبر الصغير أن الخروف بداخله، فيفرح الصغير بذلك ويتقبل الأمر.
وخلال فترة تواجده في الصحراء، والتي امتدت إلى أيام ثمانية، يروي الأمير حياته وتجاربه. يصف حياته على كوكبه الصغير أو كويكبه الذي حمل اسم “بي 612”.
يتناول مساهماته في الحفاظ على الكويكب وتنظيفه من الحبوب والأشجار الضارة. يسرد كيف اعتنى بوردة صغيرة نمت على السطح، وكيف حماها وسقاها وعزلها عن العوامل البيئية الضارة.
يشعر الأمير بحبه للوردة، لكنه يشعر أيضًا بأنها تستغله وتخطط لمغادرة الكويكب لاستكشاف العالم. عندما تودعه الوردة، تعترف له بأنها لم تستطع إظهار حبها له بشكل جيد وأنهما كانا سخيفين.
يرغب الأمير في تركها في الكرة الزجاجية ولكنها تصمم على حماية نفسها.
يشعر الأمير بأنه لم يفهم كيفية حبه للوردة بينما كان برفقتها. يتعرض الأمير لمغامرات أخرى على كواكب مختلفة ويصف أشخاصًا غريبين يعيشون على تلك الكواكب.
عندما يزور الأمير الأرض، يروي تجربته مع البشر ويصف عيوبهم وعدم اهتمامهم بالبيئة والتسلط الذي يمارسونه. يلتقي بعدد كبير من الأشخاص الذين يشبهون الستة الذين قابلهم في وطنه.
تنتهي الرواية بتقديم تقدير سلبي للإنسانية ومدى سخافتها في نظر الأمير الصغير القادم من كويكب بعيد.
الكاتب أنطوان دو سانت إكزوبيري، وهو طيار وكاتب فرنسي، وُلد في 29 يونيو 1900 في مدينة ليون وتوفي في مهمة تجسس لصالح فرنسا عام 1944، حيث لقي حتفه أثناء تنفيذ إحدى المهام الاستطلاعية، واكتشفت جثته فقط في عام 1988 على ساحل فرنسا قبالة مدينة مرسيليا.
وكان جزءًا من الطبقة الأرستقراطية في فرنسا، وقضى طفولته بسعادة على الرغم من وفاة والده في وقت مبكر.
وتُعتبر قصته الشهيرة “الأمير الصغير” واحدة من أشهر قصص الأطفال في العالم. ومن بين أعماله الروائية الأخرى، “أرض الرجال” (1939) و “طيّار الحرب” (1941).
حاول في رواياته فهم معاني سلوكيات مجتمعه وتحليل القيم الأخلاقية في عالم تأثر بشدة بالتطور التكنولوجي الحديث، وأبدى استياءه من انحدار الأخلاقيات في بعض الأحيان.
ورغم أن العمل موجه أساسا إلى الأطفال، أو اليافعين رن أردنا أن نكون أكثر دقة في التعبير، إلا أن المؤلف قد أهداه في المقدمة إلى رجل بالغ، وقد اعتذر عن ذلك بالقول في بداية العمل
وعلى الرغم من أن كتاب “الأمير الصغير” يظهر في البداية ككتاب للأطفال بفضل رسوماته البسيطة وسرده السهل، إلا أن القارئ سرعان ما يكتشف أنه يتعامل مع رواية عميقة وشاعرية تتناول مواضيع مثل المنفى، والطفولة، والحب، والتضحية، ومعانٍ أخرى ذات أبعاد عميقة يمكن أن يستفيد منها القارئ البالغ. ورغم تباين الآراء حول تصنيف هذا العمل، حيث يعتبره البعض قصة للأطفال، والبعض الآخر يراها رواية فلسفية أو سياسية، إلا أن الجميع يتفق على قيمتها الأدبية والفلسفية.
وتعد الرواية واحدة من أكثر الأعمال انتشاراً في العالم، حيث تم بيع أكثر من ثمانين مليون نسخة منها، وترجمت إلى أكثر من مائتي لغة، مما يجعلها واحدة من الكتب الأكثر ترجمةً في التاريخ، وتميزت هذه الرواية بتفاصيلها الفنية من الغلاف والرسومات والأشكال الهندسية والعنوان، بالإضافة إلى الإشارات الرمزية المعقدة التي تُمثلها عناصر القصة مثل الوردة والكوكب والخروف والثعلب.
وتستمر هذه الرواية في إلهام الأجيال وتعلم الأطفال قيمًا أساسية وتوجهات حياتية مهمة من خلال قصتها المميزة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.