الوصف
كتاب أجهزة ااقتصاد الدولي و المديونية العالمية
شهد الاقتصاد العالمي ركوداً غير مسبوق، إذ انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية والدول الصناعية إلى ما يقل عن %2 و%0.3 على التوالي في عام 1982 عما كان عليه في عام 1980، بينما بلغت نسبة النمو التي حققتها تلك الدول حوالي %6 و%5 على التوالي خلال الفترة 1960 ـ 1973. ويعبر الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية والصناعية على حد سواء عن الاعتماد المتبادل والترابط في الاقتصاد العالمي، ولكنه يدلل في الوقت نفسه على التدهور الذي أصاب اقتصادات الدول النامية التي تعمل جاهدة لتحقيق التنمية.
لعبت مصادر التمويل الخاصة، خاصة البنوك التجارية دوراً مهماً في اندلاع أزمة المديونية العالمية، إذ إنها تساهلت في تقديم القروض للدول النامية دون مراعاة لقدرات تلك الدول على الوفاء بخدمة تلك الديون، إذ بينما كانت نسبة الديون الخاصة المقدمة للدول النامية بشروط تجارية لا تتجاوز %49.5 من إجمالي الديون الخارجية في عام 1974، فقد ارتفعت تلك النسبة إلى حوالي %61 في عام 1981، أي قبل عام من نشوب أزمة الديون العالمية.
نشبت أزمة المديونية العالمية في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أعلنت المكسيك في عام 1982، عن عدم قدرتها على الوفاء بخدمة ديونها الخارجية التي تراكمت بشكل كبير. فقد ارتفعت قيمة ديون المكسيك بحوالي %105 وخدمة الدين (أقساط القروض والفوائد) بحوالي %139 في عام 1981، عما كانت عليه في عام 1977، وذلك نتيجة ارتفاع معدل الفائدة على تلك الديون من حوالي %8 في عام 1977، إلى حوالي %14 في عام 1981.
ازدياد في نسبة الاقتراض قصير الأجل مع ارتفاع الفائدة على الاقتراض بشكل حاد، مما فرض أعباء مالية اضافية على الدول النامية، بينما تراجع حجم صادرات تلك الدول بسبب الركود الاقتصادي في الدول الصناعية، خاصة بالنسبة للسلع الأولية التي تشكل مصدراً رئيسياً للعملات الاجنبية لتلك الدول، وبصورة خاصة للدول الاقل نمواً، فضلا عن انخفاض اسعارها بالقيمة الحقيقية إلى مستويات متدنية غير مسبوقة، وتدهور شروط التبادل التجاري لغير مصلحة الدول النامية وتعرض صادراتها إلى مزيد من إجراءات الحماية من قبل بلدان صناعية لحماية اقتصاداتها والمحافظة على أسواقها.
دول مثقلة بالديون
والجدير بالذكر أنه بالرغم من مرور أربعة عقود على أزمة المديونية، إلا أنها لا تزال تلقي بثقلها على عدد من الدول النامية، وخاصة الدول الفقيرة التي حظيت بمبادرة من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في عام 1996 لتخفيف عبء المديونية عن تلك الدول، وأصبحت تعرف بالدول الفقيرة المثقلة بالديون ويقرب عددها من 40 دولة. وقد استفادت معظم تلك الدول من المبادرة وتم تخفيف عبء مديونيتها من خلال إلغاء جزء من قيمة الدين أو إعادة جدولته بشروط ميسرة جداً. وتشمل تلك المبادرة قيام الدول المؤهلة للاستفادة منها بتبني برامج اصلاح تتضمن اعادة هيكلة الاقتصاد وسياسات ملائمة لإدارة الاقتصاد ومسيرة التنمية.
ويشير واقع الحال إلى أن العديد من الدول النامية، ومن بينها دول عربية لا تزال ترزح تحت ثقل المديونية التي تفاقمت بسبب الصراعات والحروب، فضلا عن ما لحق بتلك الدول من تباطؤ وانكماش في اقتصاداتها جراء جائحة كورونا، التي بدأت تظهر إصاباتها منذ أواخر عام 2019 وانتشرت عدواها لتعم أرجاء العالم بأسره، ولا تزال تبذل جهوداً حثيثة للقضاء عليها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.