بعض الأشخاص الأكثر ذكاءً ونجاحاً في البلاد لم يتموا تعليمهم الجامعي. ولم يتعلم أي منهم أهم مهاراته في معهد من معاهد التعليم العالي. وعلى شاكلتهم، فأن أكثر ما تحتاج إلى تعلمه لتصبح ناجحاً يجب أن تتعلمه بنفسك، بعيداً عن الجامعة.
وقد تقدم مايكل إلسبيرج لسد النقص من خلال محاورته لعدد كبير من المليونيرات والمليارديرات الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية، بما في ذلك قطب صناعة الملابس راسل سيمونز، والرئيس المؤسس لفيسبوك شون باركر.
سيكون محتوى هذا الكتاب، للعديد إن لم يكن للأغلبية، شيئا جديدًا على نحو لافت. سيكون بمثابة صدمة للبعض، مثل الجلد بالسوط أو ضربة على الرأس، وللبعض الآخر سيكون بمثابة تأكيد على طريقة التربية التي يتبعونها بالفعل، وسيمدهم بالرؤى والدعم الذي ببساطة لا يستطيعون إيجاده في معظم الأماكن.
أما بالنسبة للعديد ومن ضمنهم أنا ممن لديهم أبناء بالغون، السؤال الذي سيتبادر إلى أذهاننا هو: “أين كان هذا الكتاب عندما كنت أربي أبنائي؟”.
الحقيقة البسيطة هي أننا كنا غير مدركين للرؤى المتعمقة التي تشاركها د. شيفالي تساباري معنا في هذا الكتاب. على الرغم من أننا أحببنا أطفالنا وبذلنا من أجلهم أقصى ما في وسعنا، فأساليبنا قامت على نوع التربية التي مررنا بها في نشأتنا، فلم نكن نعرف جيدًا كيف نربي أطفالنا بشكل مختلف – بطريقة أكثر لطفًا ونفعًا، ما يجعلهم أشخاصًا بالغين واثقين بأنفسهم، وسعداء، ومسئولين.
لقد تبادرت إلى ذهني كلمات أغنية من ألبوم غنائي شهير: “هل يمكنني البدء مجددًا، رجاءً؟”، والخبر الجيد هنا أن الإجابة هي “نعم!” للآباء أو أي شخص مشترك في رعاية الأطفال.
عندما ننظر إلى الطريقة التي تعمل بها المجتمعات منذ فترة زمنية طويلة، سنجد أن الكثير من الأشياء المقبولة بحكم العادات مثل “طريقة فعل الأشياء” لم تعد تجدي معنا نفعًا في هذا العهد الذي يتسم بالحرية، والامتيازات، والوعي المتزايد. إن التشققات العميقة في مؤسسات المجتمع التي جاءت نتيجة للتغييرات الهائلة التي نمر بها صارت ملحوظة في كل مكان – لا سيما أسرنا وأطفالنا.
كانت الثكنات في مركز تدريب القوات الخاصة عبارة عن مبنى غير مميز مكون من ثلاثة طوابق يقع على الشاطئ في مدينة كورونادو بولاية كاليفورنيا، ويبعد عن مياه المحيط الهادي بمسافة لا تزيد على ٩٠ مترًا. لم يكن هناك مكيف هواء في المبنى، وفي الليل، عندما تفتح النوافذ، كنت تسمع صوت المياه تزحف على الشاطئ عند المد وصوت الأمواج وهي ترتطم بالصخور.
كانت الغرف في الثكنات منظمة للغاية. كانت غرف الضباط، حيث كنت أقطن مع ثلاثة من زملائي، تحتوي على أربعة أسرَّة، وخزانة لتعلق بها زيك الرسمي، ولا شيء آخر. في فترة الصباح، حين كنت أقيم في الثكنات، كنت أنهض من “النقالة” التي أنام عليها، وأبدأ على الفور بترتيب فراشي. كانت تلك هي المهمة الأولى لليوم. اليوم الذي كنت أعلم جيدًا أنه سيكون مليئًا بفحص الزي الرسمي، والسباحة لمسافات طويلة، والعدو لمسافات أطول، وميادين تخطي العوائق، وإزعاج لا ينتهي من معلمي القوات الخاصة.
صاح قائد التدريب، الملازم أول بحري “دانل ستيوارد”: “انتباه!”، عندما دخل المعلم الغرفة. وقفت عند قاعدة الفراش وضربت كعبَيْ حذائي معًا، ووقفت منتصبًا في ثبات بينما اقترب أحد ضباط الصف مني. بدأ المعلم، في صرامة ودون أن يحمل وجهه أية تعبيرات، التفتيش الروتيني من خلال فحص قبعة زيي الرسمي الخضراء للتأكد من أن “الغطاء” المكون من ثمانية أوجه، كان صلبًا ومصبوبًا بالشكل الصحيح. مسح ببصره، من قمة رأسي وحتى أخمص قدميَّ، كل سنتيمتر من زيي. هل كانت طية القميص والسروال متلائمتين؟ هل تبرق قطعة الحزام النحاسية كالمرآة؟ هل حذائي لامع بما يكفي لكي يرى انعكاس أصابعه عليه؟ وعندما شعر بالرضا بأنني قد حققت المعايير العالية كمتدرب في القوات الخاصة، انتقل ليفحص فراشي.
كان الفراش بسيطًا مثل الغرفة التي تحويه؛ فلم يكن إلا مجرد هيكل من الفولاذ ومرتبة واحدة. كانت هناك ملاءة سفلية تغطي المرتبة وفوقها الملاءة العلوية. وكانت هناك بطانية من الصوف الرمادي مطوية بإحكام تحت المرتبة، وكانت تمنحنا الدفء في ليالي مدينة سان دييجو قارسة البرودة. وكانت هناك بطانية أخرى مطوية ببراعة على شكل مستطيل عند قاعدة الفراش. وكانت هناك وسادة واحدة، من صنع مؤسسة لايت هاوس فور ذي بلايند، موضوعة في منتصف قمة الفراش ومتقاطعة مع البطانية عند قاعدة الفراش بزاوية قائمة. كان هذا هو المعيار المتبع. وكان أي انحراف ولو طفيفًا عن هذا المعيار سيجعلني “أصارع الأمواج” وأظل أتدحرج على الشاطئ حتى تغطيني الرمال من قمة رأسي حتى أخمص قدميَّ – وسينعتني الجميع بلقب “البسكويت بالسكر”.
ظللت واقفًا دون حراك، وتمكنت من رؤية المعلم بطرف عيني. كان يتفحص فراشي بتمعن شديد، حيث انحنى فوق الفراش فاحصًا زوايا تطبيق الملاءات، ثم فحص البطانية والوسادة ليتأكد من أنهما موضوعتان بالترتيب المطلوب. ثم مد يده داخل جيبه، وأخرج ربع دولار، وألقاه في الهواء عدة مرات ليخبرني بأن اختبار الفراش الأخير على وشك البدء. ثم ألقى ربع الدولار عاليًا في الهواء وسقط على المرتبة وارتد عنها ارتدادة بسيطة. ارتد ربع الدولار عن المرتبة لبضعة سنتيمترات كانت كافية لأن يلتقطه المعلم بيده مرة أخرى.
استدار المعلم بسرعة ليواجهني، ثم نظر في عينيَّ وأومأ برأسه. لم يكن يقول أي شيء مطلقًا. لم يكن ترتيب فراشي بالشكل الصحيح أمرًا يستحق الإطراء، بل كان أمرًا متوقعًا مني؛ فقد كان ترتيب الفراش هو المهمة الأولى لليوم، وكان ترتيبه بالشكل الصحيح أمرًا مهمًّا؛ فقد كان دليلًا على مدى انضباطي، كما كان دليلًا على اهتمامي بالتفاصيل، وسيكون في نهاية المطاف تذكرة على أني فعلت أمرًا ما بالشكل الصحيح، أمرًا أفخر به، مهما كان صغيرًا.
هذه المجموعة القصصية “”شاهد الادعاء”” تضم عشر قصص قصيرة تدور أحداثها” جميعا في عالم القتل والجريمة، والبحث في أعماق الشخصيات وأفعالها وردود أفعالها، وعلاقاتها بالضحية، للوصول الي حل اللغز، والاجابة عن السؤال: من القاتل؟! انها مجموعة قصصية رائعة ومشوقة تحلق بخيالك، وتزيده .خصوبة”
هذا الكتاب يعد بمثابة علامة على الكيفية التي نكون بها العادات، وما الذي يمكننا أن نفعله بهذه المعرفة لكي نجري تغييرات إيجابية.
إننا نمضي نسبة صادمة من يومنا تبلغ 43 % في فعل أشياء دون أن نفكر فيها؛ وهو ما يعني أن ما يقرب من نصف أفعالنا ليست ناتجة عن خيارات واعية، بل لأن عقلنا الباطن يدفع أجسادنا للتصرف وفق سلوكيات مكتسبة؛ فالكيفية التي نستجيب بها إلى الناس، والطريقة التي نتعامل بها في الاجتماعات، والأسلوب الذي نشتري به الأشياء، وتوقيتات أدائنا التمارين الرياضية، وكيفية أدائنا لها، وعدد كبير من الأشياء التي نفعلها كل يوم – بغض النظر عن درجة تعقيدها – تجري خارج نطاق وعينا؛ حيث نؤديها بشكل آلي، ونفعلها بحكم العادة. ومع ذلك فإننا عندما نرغب في تغيير شيء في أنفسنا، فإننا نعتمد على الإرادة الحرة؛ أي نستمر في الرجوع إلى ذواتنا الواعية على أمل أن إصرارنا وتصميمنا سوف يكونان كافيين لإحداث التغييرات المرجوة، وهذا هو السبب في أن كثيرًا منا يخفقون، ولكن ماذا إذا كان بإمكانك أن تشحذ القدرة الاستثنائية لعقلك اللاواعي؛ وهي القدرة التي تحدد بالفعل الكثير جدًّا مما تفعل، وذلك لكي تحقق أهدافك فعلًا؟
قبيلة الناصحين
“قال ألبرت منزعجًا: ‘هل تعرف ما يحدث للشباب الذين يطرحون الكثير من الأسئلة؟’.
فكر مورت للحظة.
وقال في النهاية: ‘لا، ماذا يحدث لهم؟’.
سادت فترة من الصمت.