الناشر:إن نظرة الشاعر للحياة وما فيها تختلف كلياً عن نظرة أي إنسان عادي آخر، فحفيف الأشجار وصفير الرياح وخرير الماء وحتى صرير الأبواب عنده لحن ونغم يعود به إلى أعماق نفسه ودواخل روحه وقلبه، فكيف إذا سمع قصائد المتنبي أو أطلال ناجي أو دمية العريض أو مرثية مالك بن الريب أو أحلام عبد الصبور. لا شك أنه يسمعها بأذن هي غير آذان بقية البشر، ويقرأها بعين هي ليست كعيونهم، ويحس بها بإحساس لا يماثله إلا إحساس شاعر.
أنا عاشقة الأبواب والنوافذ الأبدية أجدني في هذه اللحظة أفتش عن باب من بين الأبواب التي تداخل بعضها ببعض في الداخل والخارج والأعلى والأسفل. قررت أن أجول بينها على مدى دائرة البيت العتيق غير المكتمل فيما تسعفني رؤيتي المشوشة بفعل الزحام. أعود للدائرة الصغيرة حول الكعبة لعل رؤيتي تتضح. أسائل نفسي وأنا أعبر المداخل من المسعي إلى الداخل. لكن من أين لي أن أجرح هذه الكتلة البشرية الدائرة في بهاء ابتهالاتها والسادرة في الملكوت؟ لم يردعني الزحام نفسه عن دخولي الأول الذي كان جزءًا من مناسك العمرة وأولها، لكنه الآن حينما تحول إلى هدف معرفي بحت صار عائقًا صعب على اجتيازه، فاكتفيت بنظري العاجز عن الرؤية الكلية.
للشاعر عبد الكريم كاصد… رؤية مغايرة في تناوله لأي عمل إبداعي سواء كان في مجال الشعر أو النصوص القصصية أو المسرحية أو الدراسات، وهذه الرؤية تتداخل فيها المواضيع في أنساق فنية متنوعة وذات مدلولات حسية متحركة في أكثر من اتجاه.
ومن ثم جاء ديوانه «الفصول ليست أربعة… سيرة محلة صبخة العرب»، الصادر عن دار الفراشة للنشر والتوزيع، متضمنا مواضيع وأساليب شعرية، ساقها الشاعر في تواصل فني وبناء مع الحياة، ليقول في «مفتتح»:
تحلم
بالبحر يغمرها
بالنخيل يظللها
بالشطوط تسيل بأطفالها
ثم تفتح عينين
ما أجمل الليل
يشرع فوق السطوح نوافذه…
وينام
ديوان الشاعرة سعدية المفرح الذي يضم نخبة من أجمل قصائدها.