الوصف
الشيخ و البحر ..
لكم ارتبطت الشيخوخة بالخبرة والحكمة والموعظة، فكل شيبة يشيب بها الرأس تنم عن تجربة إنسانية أضافت إلى صاحبها رصيدا في المعرفة الإنسانية، رصيد قد تكون تكلفته عالية في كثير من الأحيان، لكن فائدته حتما عظيمة، ولذا، نجد دائما أن أعظم الحكماد أكثرهم تجربة في هذه الحياة.
في روايتنا، الشيخ أو العجوز والبحر، يؤكد الكاتب العالمي إرنست همنغواي هذا الارتباط الوثيق، ويصطحبنا في عمل إبداعي خالد يمتلىء بالحكمة الخالدة.
سانتياغو، الصياد العجوز، يمثل صورة رائعة لرجل متقدم في السن ومع ذلك لا يزال مليئًا بحيويته ونشاطه. عاش هذا الرجل وحيدًا على مركبه في خليج “غولد ستريم”، مكرسًا وقته وجهده لصيد الأسماك. ورغم مرور أكثر من ثمانين يومًا، لم ينجح في اصطياد أي سمكة.
في الأربعين يومًا الأولى، كان لديه ولد صغير كمساعد، ولكن عائلة الولد أجبرته على ترك الصيد والانفصال عن الصياد العجوز. غادر الولد بحثًا عن عمل آخر على مركب آخر، حيث نجح صاحب المركب في صيد بضع سمكات خلال الأسبوع الأول.
ألم أكبر شعر به الولد كان عندما كان يشاهد العجوز وهو يعود يوميًا إلى الشاطئ بزورقه الخالي تمامًا، ويتوجب عليه أن يساعد في جمع الحبال وحمل عتاد الصيد وطي الشراع حول الصاري. هذا الشراع أصبح رمزًا للهزيمة المستمرة التي عاشها الصياد.
ثم جاء يومٌ استثنائي عندما تمكن سانتياغو من اصطياد سمكة ضخمة جدًا علقت بخيطه. تطورت معركة طاحنة استمرت لعدة أيام وليال، حيث قاوم الصياد العجوز بإصرار شديد. بعد النجاح في الامساك بالسمكة الضخمة، شعر بسعادة غامرة وربطها في مركبه، مستعدًا للعودة إلى الشاطئ.
ومع عودته، انقضت أسماك القرش على السمكة بسبب رائحة الدم، وهنا بدأت معركة جديدة حيث صارع سانتياغو أسماك القرش بكل قوته. وعلى الرغم من القتال الشديد، انتصرت أسماك القرش في النهاية. بقي فقط هيكل السمكة الضخمة على الشاطئ كمشهد مثير للإعجاب وذكرى لمغامرة الصياد.
عندما رآه الناس، استغربوا من حجم السمكة وعظمتها، وظل اسم الصياد سانتياغو مرتفعًا وفخورًا به حتى يومنا هذا.
ويتجلى في هذه الرواية صراع الإنسان مع قوى الطبيعة وجسده من خلال شخصية العجوز سانتياغو ومواجهته الشجاعة مع أسماك القرش المتوحشة والسمكة العملاقة في البحر. هذه القصة، التي تتميز بدقة واقعية في وصف عالم البحر، تظهر لنا القوة الاستثنائية للإرادة البشرية والعزيمة على تحقيق الأهداف ومواجهة الصعوبات وقوى الشر والطبيعة.
ومن الجمل اللافتة في الرواية تلك التي تقول: “يمكن هزيمة الإنسان، لكن لا يمكن قهره”، وهذا يتجلى واضحًا في رحلة سانتياغو. على مدى ثمانية وثمانين يومًا، بقي سانتياغو يصارع الصيد الفارغ، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يستسلم أبدًا ويواصل السعي لتحقيق هدفه.
عندما تقرأ هذه الرواية، ستدرك أهمية الخبرة في عالم البحر وكيف يمكن للإنسان التغلب على الصعاب بالعزيمة والتصميم. تبرز قصة سانتياجو ومارلن، السمكة الضخمة، قوة الإرادة والتحدي الذي يمكن أن يظهرهما الإنسان حتى في وجه الظروف الصعبة. يظهر سانتياجو كمثال للإنسان الذي يمكنه هزيمته في المعارك، لكنه لا يمكن قهره.
“العجوز والبحر” التي كتبها همنجواي في هافانا، كوبا، في عام 1952، تُعد واحدة من روائعه الأدبية إلى جانب أعمال أخرى مشهورة مثل “وداعًا للسلاح” و”ثلوج كلمنجارو”. وحصل إرنست همنجواي على جائزة نوبل في الأدب بفضل هذه الرواية، وفاز أيضًا بجائزة بوليتزر الأمريكية بسبب استاذيته في كتابة الرواية الحديثة ولأسلوبه القوي، ويُظهر ذلك بوضوح في قصته الأخيرة “العجوز والبحر”.
وإرنست همينغوي والملقب بـ “البابا”، كان كاتبًا أمريكيًا مشهورًا بأعماله الروائية والقصصية، بالإضافة إلى كونه صحفيًا ورياضيًا. وُلد في 21 يوليو 1899 وتوفي في 2 يوليو 1961.
و كان أسلوب همينغوي الأدبي بليغًا وبسيطًا، وهو الذي وصفه بنظرية الجبل الجليدي، وقد ترك أثرًا عميقًا في الأدب العالمي خلال القرن العشرين. حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1954 تقديرًا لإسهاماته الأدبية.
وعاش همينغوي حياة مغامرة، وخوض تجارب متعددة تأثرت بها كتاباته. خدم في الحرب العالمية الأولى كسائق سيارة إسعاف وأصيب بجروح خطيرة. تجربته في الحرب ألهمت روايته “وداعًا للسلاح” التي نُشرت عام 1929.
وقد كان له أربع زيجات وعاش في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك فلوريدا وكوبا وأيداهو. وواجه العديد من التحديات الصحية والحوادث في حياته، وتوفي في 1961 بعد أن انتحر.
ونجد في الرواية أن صديق العجوز الصغير، مانولين، يمثل رمزًا للدعم والولاء. حتى على الرغم من أنه تم منعه من الصيد مع سانتياغو، إلا أنه يأتي كل يوم ليقدم المساعدة والدعم، وهذا يظهر الروح الجماعية والتضامن بين الأجيال.
في النهاية، نتركها لك عزيزي/تي القارئ/ة عند قراءة الكتاب قراءة ممتعة..
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.