الوصف
أرسين لوبين – اللص الظريف
قد تلعب الصدفة أحيانا دورا في نجاح الكاتب من عدمه، وقد يضطر الكاتب في كثير من الأحيان إلى الرضوخ لمطالبات القراء بعد نجاح إحدى الشخصيات التي أبدعها فكره، فيطوع قلمه لكتابة المزيد عن هذه الشخصية التي أحبها الجمهور رغم رغبته الشخصية بالتغيرر وابتكار شخصيات وقصص جديدة مختلفة تماما عما عرف به، فيجد نفسه يدور في ذات الفلك ويصعب عليه التخلص من ثوبها، وهذا ما حدث مع الكاتب الفرنسي (موريس لبلان) مبتكر شخصية أرسين لوبين أو اللص الظريف، والذي اخترناه موضوع كتاب حلقتنا لهذا اليوم.
ربما لا توجد شخصية خيالية نافست شخصية المحقق الشهير شيرلوك هولمز- على ما حققته من نجاح وشهرة عالمية- سوى شخصية أرسين لوبين، اللص الفرنسي الذي يهوى المغامرات!
في 15 يوليو سنة 1905 وجد قراء صحيفة (جي سي تو) الفرنسية أنفسهم أمام قصة قصيرة لكاتب شاب يدعى موريس لبلان ، بعنوان “اعتقال أرسين لوبين”.
نعرف من خلال القصة أن أرسين لوبين هو لص شهير، دوخ شرطة العالم دون أن يستطيعوا القبض عليه، وهو مشهور بين العامة، اسمه يحمل رهبة، ووجوده كفيل بإرعاب الناس، رغم ما هو واضح من خفة ظله.
عدوه الأهم هو مفتش الشرطة الفرنسية جانيميار، المفتش العجوز الذي يسخر منه لوبين دوماً ويستمتع بجعله أضحوكة أمام الناس. يسرق لوبين الأغنياء والنبلاء، ويركز بالذات على التحف القيمة، من لوحات وأثاث، بالإضافة بالطبع للنقود والمجوهرات!
لم يكن موريس لبلان عندما كتب هذه القصة ينوي كتابة المزيد منها، ولا تحويل شخصية أرسين لوبين لبطل دائم لسلسلة من رواياته، لكن النجاح والصدى الذي حققته قصته “اعتقال أرسين لوبين” دفعه للتفكير في استثمار هذا النجاح وكتابة قصة أخرى لأرسين لوبين، نُشرت في نفس الصحيفة بعد عدة شهور، تحديداً في 15 ديسمبر 1905، وحملت عنوان “أرسين لوبين في السجن”، والتي يستكمل فيها ما وقع للوبين بعد القبض عليه، وبعدها بشهر نشر قصة “هروب أرسين لوبين”، ثم أخذ ينشر كل شهر أو شهرين قصة لأرسين لوبين، حتى أتم تسع قصص جمعت بعدها سنة 1907 فيما عرف بأول كتب أرسين لوبين، والذي حمل عنوان “أرسين لوبين اللص الجنتلمان”- وهو الكتاب الذي نضعه بين يديك اليوم بعنوان “أرسين لوبين اللص الظريف”- والذي يحوي- بالإضافة لقصة القبض على أرسين لوبين وسجنه ثم هروبه من السجن- بعض مغامرات اللص الشهير في الاستيلاء على أموال ومجوهرات الأغنياء، وقصة أو مواجهة دارت بينه وبين شرلوك هولمز، والتي حملت عنوان “شرلوك هولمز يصل متأخراً”.
بحلول عام 1907، كتب لوبلان روايات لوبين طويلة، وكانت التقييمات والمبيعات جيدة بما يكفي حتى أن لوبلان كرس أساسًا بقية حياته المهنية للعمل على قصص لوبين.
مثل آرثر كونان دويل، الذي غالبًا ما بدا محرجًا أو معوقًا بنجاح شيرلوك هولمز ويبدو أنه اعتبر نجاحه في مجال أدب الجريمة عائقًا عن طموحاته الأدبية الأكثر “احترامًا”، كان لوبلان أيضًا يبدو أنه كان يشعر بالاستياء من نجاح لوبين.
عدة مرات حاول إنشاء شخصيات أخرى، مثل المحقق الخاص جيم بارنيت، لكنه في النهاية دمجها مع لوبين. واصل كتابة قصص لوبين حتى نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين.
يعرفه العالم باسم أرسين لوبين، والجمهور يتابع مغامراته بشغف، لأن حيله طريفة وما يفعله بخصومه مسل وسيختلف الأمر بالتأكيد إذا كنت ضحيته، فعندها لن يعود الأمر مضحكاً على الإطلاق.
لا أحد يعرف اسمه الحقيقي، أو حتى شكله، له ألف وجه وألف اسم. إذا قرر أن يسرق لوحة ثمينة أو تحفة أثرية أو عقداً من اللؤلؤ، فهو لابد سيصل لما يريد، حتى لو تواجد المفتش جانيمار في المكان، أو حتى المحقق العظيم شرلوك هولمز نفسه!
بين يديك الآن الترجمة الكاملة والأمينة للكتاب الأول من مغامرات أرسين لوبين، والذي صدر في فرنسا لأول مرة عام 1907، ويحوي المغامرات التسعة الأولى لأرسين لوبين كما كتبها موريس لوبلان، والتي تشتمل على مواجهة أرسين لوبين الأول مع غريمه الإنجليزي شرلوك هولمز، والتي لن تكون الأخيرة!
وموريس لوبلان هو كاتب فرنسي، ولد عام 1864 وتوفي عام 1941، ابتكر شخصية اللص الظريف أرسين لوبين التي جلبت له شهرة عالمية وترجمت أعماله بسببها إلى عشرات اللغات.
كتب عن أرسين لوبين ما يقرب من 21 عملاً، كما كتب مجموعة من روايات الخيال العلمي بعيداً عن عالم أرسين لوبين وتعتبر مجموعة “أرسين لوبين اللص الظريف” هي الكتاب الأول الذي يظهر من سلسلة مغامرات أرسين لوبين.
ظل موريس لبلان يكتب قصص وروايات أرسين لبوين حتى وفاته عام 1941، فكتب 16 رواية و5 مجموعات قصصية لهذه الشخصية، بالإضافة لخمس مسرحيات.
ومن الممكن أن يكون لوبلان قرأ أيضًا رواية أوكتاف ميربو “التي نشرها عام (1901)، والتي تتضمن لصًا نبيلًا يُدعى آرثر لوبو، وربما رآها في مسرحية ميربو الكوميدية “سكروبيل” عام (1902)، والتي كانت شخصيتها الرئيسية لصًا نبيلًا أيضا.
لوبلان كتب أيضًا روايتين بارزتين في مجال الخيال العلمي: “ليه ترواي يو” (1919)، حيث يتعامل عالِم مع كائنات من كوكب المريخ ذات ثلاث عيون عن طريق التلفزيون، و”لو فورميدابل إفينيمون” (1920)، حيث تخلق هزة أرضية أرضًا جديدة بين إنجلترا وفرنسا.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.