غرفة يعقوب

د.ك4.500

8 متوفر في المخزون

التصنيف: الوسم:
الوصف

الوصف

غرفة يعقوب

تمر علينا العديد من الأعمال الروائية مرور الكرام، فنطويها من ذاكرتنا قبل أن نطوي صفحتها الأخيرة، ولا تترك بعض الكتب في أنفسنا أثرا وإن التهمنا كل ما بين دفتيها، فنندم على الوقت الذي أضعناه في قراءتها أو حتى الأشجار التي قطعت لاستخدام الورق في الكتابة عليه، لكن هناك أعمالا أخرى تأتي إلينا بمثابة العوض، فتحتوي على عمق وأبعاد فلسفية أو نفسية أو اجتماعية تدعونا إلى الذهول والتأمل، وتجعلنا ندرك أن الأدب ليس مجرد كلمات ننثرها بحروف مرتبة على الورق دون معان سامية ومقاصد فائقة.

رواياتنا حملت عنوان ” غرفة يعقوب “، وأبدعت فيها الكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف.

غرفة يعقوب هو عمل أدبي كتبته المؤلفة البريطانية فرجينيا وولف ونُشر لأول مرة قبل أكثر من مئة عام، وتحديدا في عام 1922. يُعتبر الكتاب واحدًا من أعمال الأدب الحديث الهامة والمميزة التي تأتي ضمن التيار الأدبي الواقعي والحديث.

الرواية تسلط الضوء على حياة شخصية رئيسية تُدعى جاكوب فليث، وهو شاب بريطاني في بداية القرن العشرين، وتدور أحداثها حول تطور حياته وتجاربه وعلاقاته مع مختلف الأشخاص من حوله.

و يستكشف الكتاب العديد من الموضوعات الحساسة والحيوية مثل الهوية، الزمن، الحب، الحرية الفردية، والحروب وتأثيرها على الأفراد. كما يتميز الكتاب بأسلوب كتابة غني وعميق، حيث تقدم فرجينيا وولف رؤى فلسفية ونفسية معقدة تثير العديد من الأسئلة حول الإنسانية والوجود، وتستخدم أسلوبًا أدبيًا تجريديًا ومبتكرًا، فتروي القصة من خلال جمع عدد من اللحظات والتفاصيل التي تشكل صورة عامة لحياة جاكوب.

وقدمت المؤلفة في غرفة يعقوب خطوتها الأولى في التجريب والابتكار على مستوى الشكل، إذ مزجت المقال والقصة القصيرة والرواية في بنية واحدة، وفي جنس فني واحد، الأمر الذي قد يكون مربكا لقارئ لم يعتد مثل هذه الكتابة، خاصة حين تقدم حكاية مبتورة، تفتقر إلى الحبكة والقصة كاملة التطور بشكلها التقليدي، إذ تصبح حكاية يعقوب غير واضحة الملامح، من خلال كتابة مجزأة، تتنقل هنا وهناك، بالقارئ، وبالشخوص، دون أن تشير صراحة إلى تغيير الزمان والمكان؛ وهذه كانت تقنية سردية أساسية في النص، ومنها ظهرت في نصوص أخرى؛ تلك التقنية المعروفة بـ “تيار الوعي”، والتي ولدت على يد فرجينيا وولف وجيمس جويس؛ تقنية قد تبدو سهلة عند القراءة عنها، لكن القارئ لن يتعرف عليها بحق إلا من داخل النصوص.

لكن الإشكالية الأكبر ترجع إلى ما يمكن أن ندعوه بتاريخية الأدب؛ الجذور التي تستند عليها الرواية الغربية، الآباء الذين تشاكسهم فرجينيا وولف على امتداد أعمالها الأدبية؛ إذ تكسر القاعدة لتبني قاعدتها، ولا يمكن للقارئ أن يتذوق قاعدتها الجديدة دون أن يدرك الهوة التي تركتها بينها وبين غيرها، وانحرافها، بالمعنى الشعري، عن منطلقات فنية وأدبية ذات تقاليد عريقة لتكون روايتها بعد مئة عام: رواية حديثة، ليست تقليدية، بل من الصعب تذوقها رغم مرور قرن على صدورها.

قد تبدو مثل هذه المشاكسة في رواية أورلاندو أيضاً؛ إذ تستدعي العديد من شعراء ومثقفين بوضوح (بعض الشيء)، لكن قراءة هذه المشاكسة في غرفة يعقوب لا تحتاج إلى بذل القليل من الجهد فقط، بل إلى معرفة شكل الرواية الغربية وتطورها، ابتداء من القرن الثامن عشر وازدهارها في العصر الفيكتوري في أعمال الواقعيين، ثم الحداثيين في النصف الأول من القرن العشرين. وهي معرفة من الصعب امتلاكها، ربما على المتخصصين والأكاديميين أيضاً، فما بالك بالقراءة، وما بالك بأزمة الترجمة العربية التي قد تسقط العديد من الأعمال المهمة.

ولنتأمل رواية غرفة يعقوب، التي تنتمي إلى روايات التشكيل أو البلوغ، بمصطلح كارل مورجينشتيرن، والذي يعد نوعاً من السيرة؛ سيرة: لشخص واحدة، نراقب فيها تطوره البيولوجي والفكري من الطفولة إلى النضج، من خلال قراءة السياق الثقافي، وأثره على الشخصية، وسنجد أن غرفة يعقوب تنحرف عن الخط السائد لهذا النوع؛ الخط القائم على الخيال الواقعي، وممارسات البطل في السياق الاجتماعي؛ بما يتضمن من فرص للتطور والتحقق، من خلال السفر أو المغامرة أو الضياع، ففي مثل هذه الروايات فإن التشكيل المتوقع للبطل، في قصة البلوغ، يكون بمثابة صناعة تلميذ، تلميذ تعلم من كل هذه الظروف ليصل في النهاية إلى المكانة الاجتماعية التي يستحقها؛ إنها بصورة ما تنشئة وقولبة للبطل ليكون جزءاً من هذا الغول المسمى بالمجتمع، وفق تعبير مترجمة الكتاب.

وتعبر الكاتبة عن بعض أفكارها من خلال شخوص العمل، فتقول في إحدى الفقرات “إن الناس لا يتحققون حقًا إلا في موتهم. حين يكون الجسد هشًا وضعيفًا ولكن القلب ما زال ينبض بقوة، يتم تكوين الإنسان بشكل نهائي ويتم تحديد هويته الحقيقية.”

فتعكس هذه الفقرة توجهات الكتاب نحو استكشاف مفهوم الهوية والحياة من خلال التجارب والتغييرات الشخصية التي يمر بها الشخص.

في حين تضيف من خلال أسلوبها الأدبي العميق والتفكير النقدي في هذه الفقرة وفي الكتاب بشكل عام بعض العبارات فتقول مثلا: “ليس هناك مستقبل. ما من مسافة زمنية. لا يوجد سوى اللحظة، لكن اللحظة هي اللحظة الأخيرة. لا تتراجع. يمكن أن يكون لها نهاية.”وكذلك تقول:”الأشياء الصغيرة في الحياة، التفاصيل الدقيقة، هي التي تكوّن اللحظات الكبيرة.”

وتلخص العبارات السابقة بعضًا من موضوعات وأفكار الكتاب، مثل الزمن والذاكرة واللحظات الحياتية الصغيرة والتفاصيل الدقيقة التي تشكل حياة الإنسان، وهي التفاصيل الصغيرة التي تصنع في حياتنا فارقا كبيرا.

مراجعات (0)

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “غرفة يعقوب”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *